الفن قلق

الفن هو العبور من ظلمة القلق إلى نور التعبير، هو المساحة الفريدة التي تتحقق فيها الاضطرابات الداخلية وتتحول إلى جمالٍ ملموس. حين يثور القلق في أعماقنا، يتحول إلى طاقة خلّاقة تملأ الفضاءات البينية بين الفكر والإبداع. الفن هو تجسيد للألم والتوتر، هو الرسم الذي يروي القصة التي لا تُقال بصوتٍ عالٍ، ولكنه يصرخ عبر الألوان والأشكال.

وعليه، فإن كل عمل فني هو تجسيد لحالة قلق غير مستقر مهما بدا العملُ جميلًا أو مستقرًّا بحد ذاته. إذ أن الإلهام الذي يغمر الفنان ليس سوى تعبير عن الصراع الداخلي، حيث تتقاطع المشاعر الحية مع الأشكال التي تترجمها. الفن إذن، هو انعكاس للمساحة غير المرئية من النفس، هو القلم الذي يكتب قصصنا المخفية، وهو اللون الذي يملأ الفراغات التي لا يصل إليها النور.

حين يهدأ القلق، يتلاشى سحر الفن. تتحلل الألوان إلى مساحات فارغة، وتفقد اللوحات حيويتها. يصبح الفن في هذه الحالة مجرد ذكرى، مثل غيمة تطفو بعيدًا بعد العاصفة. تلك اللحظات التي ينفصل فيها القلق عن الفنان، تحوّل الأعمال الفنية إلى آثار باهتة، إلى قصص قديمة فقدت شغفها وقوتها. يصبح الفن في تلك اللحظات جزءًا من الماضي، كأثر للانفجارات الإبداعية التي كانت تملأ الفضاء باللون والحركة.

لهذا، فإن الفن قلق، ومتى انتهى القلق، انتهى الفن. 



Comments

  1. This is why they say art is meant to disturb.. great painting as usual!

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

أبوابٌ لها أبواب

تعال

الروائي في رأسي