الاستعارة السادسة-الشّوكولاتة الدّاكنة
في أرض بعيدة، يُطوى فيها الزّمن على نفسه، وتتساقط أوراق أشجارها مثل صفحات كتاب قديم، كان هنالك شجرة، لم تكن كأيّ شجرةٍ أخرى. كانت جذورها تغوص عميقًا في الأرض، تتشابك مع ذكريات منسية وأسرارٍ لم تُروَ. وأغصانها تمتد عاليًا إلى السماوات، وكأنها تبحث عن إجاباتٍ لأسئلةٍ ضاعت في الريح. لكن أغرب ما فيها كان ثمارها—قرون تحتوي بداخلها على جوهرِ المرِّ والحلو: الكاكاو. يقال في أسطورة إغريقيّة أن هذه الشجرة كانت موجودة منذ بداية الزّمن، وأن الآلهة همست في أوراقها، حتّى تُعلّم الكائنات الأولى مفارقة مهمّة من مفارقات الحياة—أن في المرّ يكمن الحلو، وفي الحلو يكمن المرّ. كان سكّان القرية الّتي نشأت حول الشجرة، يقدمون لها القرابين دائمًا، رغم أن الشجرة لم تكن تحتاج لأي منها، وفي المقابل، كانوا يحصدون ثمار الكاكاو منها. من هذه القرون، صنعوا شرابًا غنيًا داكنًا ودافئًا، أطلقوا عليه اسم "شوكولاة". كان شيوخ القرية يجمعون الناس، ليتناولوا معًا هذا المشروب، ثم يبدأون بالحديث عن ازدواجيات الحياة. "هذا الشراب"، كانوا يقولون، "هو قصّة الوجود. المرارة التي تتذوقها في البداية هي المعا...